(علبة الحليب)
صور شتى تتجمع في خيالي …تصنع مني حشرة تجوب الشارع ووهج الظهيرة يذكرني بنار أخرى ……ولكن ما العمل …!!!!!!!
سقطت بيدي كل حيلة بعد أن تعذرت جارتي …. وقالت انها لا تملك أي مبلغ…كنت اعلم انها كاذبة…ولاحت صورة صاحب الحانوت أمامي وكنت أرقب عيناه وهو يجلس على كرسي في باب المحل يتظاهر بأنه يكتب شيئ ما …وقبل دخولي البيت كنت أسمع صراخها ….لقد مرَ يوم كامل لم تذق الحليب وحين ألقمتها ثديي كانت تعرض عنه لأنها تعلم أنه فارغ …. ورغم صراخها المستمر … كنت أفكر في كلامه لي … حين أشار عليّ أن تعالي عند الظهيرة …لان الشارع فارغ من المارة ولا أخذ من وقتك الا قليل ….وبدأت سدم سوداء تلوح أمام عيني لاني لم أفعلها سابقاً ,وحين تحسست يد ابنتي كانت نحيلة وتخيلت علب الحليب لديه معروضة باناقة ولكن ….!!!
الزاوية التي أشار لي بها في ركن المحل محجوبة عن الأنظار …ولكن لا شيئ يحجب عن الله … ولاول مرة أحس اني اعيش بين الذئاب المسعورة وأرى انيابها الحادة تنهش لحمي وأنا صاغرة … حين امسك بيدي وبدأ يمرر اصابعه اللعينة يتحسس صدري ….!!!
وما خرجت الا والصديد اللزج أحسه بين أردافي وكلما اسرعت الخطى …كنت أحس لزوجته اكثر …كان فكري منصباً على علب الحليب … وكأن ثمنها ذلك الصديد والوقفة الدنيئة مني … والوقت يمر يذبحني بسكين صدأه وأنا اعد الحليب وما ان سكن صوت الطفلة حتى بدأ صراخ مدوٍ في داخلي يقول بوجه كل الناس …..لماذا ؟؟…
فيما ردد الأفق البعيد صوتي ….لماذا ….لماذا …
وكانت صورته ترتسم على جدار الغرفة وكنت ارى خواتمه الكبيرة في أصابعه المجرمة واسمعه يقول … لا تتأخرين … مجرد لحظات …صراخ طفلتي ….اسمعه يقول لي …طاوعي الخنزير …طاوعيه …الوقت ظهيرة ولا احد يجوب الشارع في هذا الوقت الحار ….ولا صوت يسمع الا دوي صوت واحد …يملأ الأفق ….لماذا ؟؟ لماذا ؟؟